.. أيام ونبدأ الدوري.. وكلما اقتربت ضربة البداية.. ازداد الخلاف. واتسعت مساحة العناد في قضية البث الفضائي التي أصبحت الشغل الشاغل للأندية واتحاد الكرة واتحاد الإذاعة والتليفزيون والجماهير والنقاد والإعلام عامة!!
قلت من قبل إن انسحاب اتحاد الإذاعة والتليفزيون من المزاد وتركه للجبلاية كان ضربة معلم. وبعد الضغوط والمساومات عاد من جديد للتفاوض وسمعنا أنه رفع العرض إلي 110 ملايين جنيه سنوياً.. وبعد التفاوض الجديد والرغبة من الأندية في زيادة العرض.. عاد اتحاد الإذاعة والتليفزون ليلغي عرضه بذكاء شديد ودهاء مفاوضين علي أعلي مستوي وكأنه يقدم ضربة معلم جديدة.. لكنها مزدوجة هذه المرة للأندية واتحاد الكرة.
الوزير أنس الفقي أصبح متمرساً في شئون الأعلام.. فنياً وإدارياً.. وتجارياً أيضاً.. لذلك لم تدخل عليه ألاعيب الإعلام والصحافة وما ينشر فيها عن عروض بمئات الملايين. وللرجل مساعدان في التفاوض.. هما بمثابة "الداهية" في الفكر. وطرح الأفكار. وكيفية الاستثمار والتوفير للمؤسسة الإعلامية بما يتوازي مع توفير الخدمة الإعلامية المطلوبة للمواطن.. وهما اللواء أحمد أنيس رئيس مجلس الأمناء.. والمهندس أسامة الشيخ رئيس قطاع قنوات النيل المتخصصة والمسئول عن الخطط الرياضية بينما سمير زاهر رئيس اتحاد الكرة واللجنة السباعية يريد هو الآخر زيادة قيمة الصفقة هذا الموسم.
والقرار الذي اتخذه الوزير أنس الفقي ومستشاروه غاية في الذكاء.. لأن التليفزيون المصري سيذيع المباريات طالما هي منقولة لأي أحد أو مباعة لأي قناة أخري. ومن باب حسن النية.. وفي نفس الوقت مهارة التفاوض وذكاء المناورة عرض وفد التليفزيون المصري أنه سيقدم إشارة البث الفضائي مجانا لكل القنوات المصرية الفضائية الخاصة تدعيماً للإعلام المصري ومساندته أمام القنوات الأخري.
بينما سيصبح التليفزيون المصري حراً في تحديد قيمة شارة البث لكل القنوات الخارجية.. وهذا حقه!!
تفاوض ذكي. وماهر. وخبيث. وتلك المواصفات مطلوبة دائماً في المفاوضين من أجل تحقيق أكبر مكاسب وأقل خسائر مع أعلي فائدة ممكنة للمستهلك الذي هو المواطن المصري المطحون في مصر.. أو في الخارج!!
هذه الفكرة اعتبرها ضربة المعلم المزدوجة أو الثانية من الوزير أنس الفقي واللواء أحمد أنيس والمهندس أسامة الشيخ.. وضعت الأندية واتحاد الكرة في مأزق ولأسباب عديدة.
* أولاً لأن وزارة الإعلام المصرية قدمت "السبت" وتنتظر هي الأحد كما يقول المثل!!
إي أنها انسحبت من العرض لتعطي الفرصة للجنة السباعية في اختيار العرض الاكبر الذي سمعنا عنه. وقدمت الخدمة للقنوات المصرية الفضائية بتقديم اشارة البث لها مجاناً. وفي نفس الوقت وحسب القانون ستذيع للمواطن المصري!!
* ثانياً.. مادام اتحاد الإذاعة والتليفزيون هو صاحب حق إشارة البث.. فمن حقه أن يكسب منها.. عندما يبيع للفضائيات الأجنبية.. تماما مثلما تريد الأندية واتحاد الكرة بيع الدوري لأعلي سعر!!
* ثالثاً: قرار اتحاد الإذاعة والتليفزيون وضع اتحاد الكرة في مأزق شديد.. فلو باع الدوري بمليار جنيه.. لابد للمشتري أن يتفاوض مع اتحاد الإذاعة والتليفزيون للحصول علي شارة البث الفضائي التي هي مفتاح انطلاق الصورة للفضاء الخارجي لأنه لا توجد قوة علي ظهر الأرض تملك تلك الشارة سوي اتحاد الإذاعة والتليفزيون الذي يمكنه أن يحدد مبلغاً جباراً يلغي الصفقة بالكامل!!
.. يعني باختصار شديد.. الدوري في جيب الجبلاية.. لكن مفتاحه في جيب أنس الفقي!! فما الحل؟!
* صحيح أن الأندية هي السلعة التي تباع وتشتري لكنها سلعة من لحم ودم وفن. معروضة في المزاد ومادامت هي سلعة "آدمية".. فلابد لها أن تحقق الاستفادة المادية!! لأنها شريك "أساسي في الصفقة"!!
* ومادام اتحاد الكرة هو الجهة الحكومية التي ينص القانون علي ضرورة أن يكون مشرفاً ومهيمناً ومنظماً علي نشاط اللعبة في مصر.. إذا فاتحاد الكرة شريك أساسي ومسئول عن عملية التنظيم ولابد أن يستفيد هو مادياً.. ويفيد ايضا باقي الاطراف.. لانه شريك اساسي وطرف رئيسي في عملية التنظيم والبيع والشراء!!
* ومادام كل العمل سيتم.. ثم قد يتوقف عند نقطة فنية تكنولوجية. قانونية اسمها اشارة البث المصرية.. فلابد أيضا ان يكون صاحب تلك الشارة مشاركا في كل الاتفاقات. مستفيدا من كل دخل سيحدث. لأنه شريك اساسي لا يمكن غض البصر عنه. إذ كيف تقام المباريات بدون حكام؟! وكيف تنظم البطولة وتلعب فيها الأندية بدون تنظيم فوقي من اتحاد الكرة؟!!
وكيف تظهر صورة في الفضاء الخارجي بدون اعطاء الإشارة للبث عن طريق الجهة المصرية المسئولة؟!!
** وهذا يعني أن الجهات الثلاث مشاركة في تكوين الصورة المتكاملة ورسم اللوحة الرياضية المرئية التي لا يمكن ان تكون واضحة المعالم وتظهر للنور دون اتحاد الكرة صاحب البيت.. والأندية التي تلعب واتحاد الإذاعة والتليفزيون الذي يقدم اللوحة ويعرضها علي الملايين!!
* أظن أن قضية البث الفضائي للمباريات.. قد "بثت" الفرقة والخلافات بين الأصدقاء وبين المسئولين. والوقت يمر والدوري يقترب.. ولابد من تحديد هوية الدوري إذا كان سيذاع أم لا؟! إذا كان سيباع أم لا؟! وأظن أن اجتماع الاثنين القادم في الجبلاية لابد أن يضع نهاية لتلك القضية بما يرضي جميع الأطراف الثلاثة!!
وإن كنت علي ثقة أنه سيذاع.. سيذاع ولا مفر.. فكفي المواطن المصري المطحون.. طحناً. وغلباً وقهرا بسبب الغلاء ومشاكل الحياة والأزمات التي لا تنتهي.. فهل نحرمه من ابسط حقوقه الإنسانية في متعة المشاهد ولو لمباراة في كرة القدم؟!!
.. الرحمة يا أندية مصر.. زمان كان الدوري مجاناً.. ثم أصبح بتسعة ملايين.. ثم بعشرين مليوناً.. الآن تخطي حاجز المائة.. عايزين إيه!!
شوية.. شوية.. لأن ما علي طير وارتفع فجأة.. إلا وكما طار وقع - علي - رأسه وانكسر!!
وإنا لمنتظرون حلا لقضية البث التي أصبحت صداعاً و"بس"!!! أو قل حواراً سفسطائياً سينتهي علي مفيش لأن الصفقة في النهاية سينتهي بالقسمة علي ثلاثة.. واللي مش عاجبه يتفرج في البوتاجاز.. وبلاش تليفزيون!!