لا ينكر أحد على الإطلاق ما قدمه مانويل جوزيه للنادى الأهلى، فالفريق حصل على رقم قياسى من البطولات فى عهده، وفاز مرات عديدة على منافسه التقليدى الزمالك محطمًا كل الأرقام القياسية.
أيضًا حقق العديد من البطولات الأفريقية سواء على مستوى أبطال الدورى أو السوبر الأفريقية، وهو ما جعل شعبيته تصل إلى عنان السماء بين مشجعى النادى الأهلى لدرجة أن الجماهير وضعت صورته فى لوحات بالحجم الطبيعى فى المدرجات ونسبت له كل الانتصارات التى تحققت فى عهده حتى إنها أغمضت عينها تمامًا عن أخطاء الرجل وتفننت فى خلق المبررات والأعذار له بل إنها نظمت استقبالاً أسطوريًا له عقب عودته حاملاً المركز الأخير فى كأس العالم للأندية باليابان بعد خسائر مهينة أمام صاحب المركز الحادى عشر فى الدورى المكسيكى وفريق أسترالى مغمور لا تاريخ له فى كرة القدم مما جعله يقنعنا بأنه عائد بالكأس وليس بالمركز الأخير!
واستمرت علاقة الغزل بين جوزيه وجماهير الأهلى وهى العلاقة التى استثمرها الرجل بقوة فخرج فى قناة الأهلى ليهاجم الإدارة! مما جعل حسن حمدى يرفض إذاعة اللقاء إلا بعد المونتاج وأيضًا بعد أن أصاب إدارة الأهلى بالصدمة، فهى التى لم تتأخر يومًا عنه أو عن طلباته أو أوامره،
وقد كتبت مرارًا وتكرارًا أن لبن العصفور تم توفيره لمانويل جوزيه فى النادى الأهلى، وعلى مدى خمس سنوات وفرت الإدارة كل الإمكانيات اللازمة لأى مدرب لحصد كل البطولات، فلم تتأخر لحظة واحدة عن عمل أى شىء من أجل حصد البطولات والحقيقة أن جوزيه سامحه الله قد يكون السبب فى ابتعاد البطولات لمدة ليست بالقصيرة عن النادى الأهلى، فالرجل أنهى كل طموحات الناشئين للعب بالفريق الأول.
وعلى مدى ٥ سنوات لم نر سوى ناشىء واحد فقط يشارك مع الفريق الأول حسام عاشور ثم لحق به أخيرًا محمد سمير، ودون ذلك لم نر لاعبًا واحدًا بل العكس هو الصحيح حتى خرج كل أبناء الأهلى إلى الأندية الأخرى ليتألقوا ويحصلوا على الفرصة كاملة، فظهر شريف أشرف بالزمالك ومحمد فضل بالإسماعيلى وحسن مصطفى بالشرطة ومعه عبدالله فاروق ووائل رياض بالحرس والاتصالات ومصطفى طلعت بالأوليمبى والميرغنى وعلاء على بالزمالك مع أنهم من أشبال الأهلى وغيرهم الكثيرون،
ورغم أن البعض صرح مرارًا وتكرارًا بأنه أعطى الجميع الفرصة وأنهم لم ينجحوا إلا أن ذلك مردود عليه بأنه صبر على الكثيرين مثل فلافيو وماكى وغيرهما من اللاعبين ولم تتوقف أزمات الأهلى على هروب ناشئيه وتفضيلهم الخروج منه للعب لأندية أخرى حتى ولو كانت صغيرة على البقاء فى ظل فرصة شبه معدومة مع مانويل جوزيه،
فالأزمة الأكبر من وجهة نظرى ستكون فى تردد اللاعبين أكثر من مرة فى الانضمام للأهلى وذلك بعد التجربة المريرة التى عانى منها الكثيرون هذا العام، فالكل سيضع نصب عينيه تجارب المحمدى وحسين على وأحمد حسن فرج وأحمد بلال ورحيل الشاطر دون قيده فى النادى الأهلى على الرغم من ضمه بعد صراع مرير مع نادى الزمالك وغيرهم من اللاعبين الذين كانوا نجومًا متألقين فى أنديتهم ولكن مع جوزيه انتهت تمامًا كل هذه النجومية لذلك أرى أن إدارة الأهلى يجب أن تضع يدها فى الفترة القادمة بقوة فى فريق كرة القدم تجنبًا لحدوث أزمات كبيرة،
فبطولات الناشئين خرجت من الأهلى ولم يحصد سوى بطولة وحيدة تحت ١٧ سنة، واللاعبون تخطى معظمهم الثلاثين، والساحة الآن لا يوجد بها لاعبون مميزون أمثال بركات وأبوتريكة وجمعة وأحمد فتحى وغيرهم ممن نجح الأهلى فى ضمهم إلى صفوفه ناهيك عن أزمة الثقة لخسارة الفريق كأس مصر وخروجه المبكر جدًا من البطولة الأفريقية بالإضافة إلى الموقف المتأزم فى بطولة الدورى العام، والتى أصبحت فى مهب الريح بعد تساوى الإسماعيلى مع الأهلى فى عدد النقاط قبل جولتين فقط من نهاية المسابقة لذلك أرى أنه من الأفضل للجنة الكرة بالأهلى أن تشارك منذ الآن وليس الغد كما أطالبهم بتغيير السياسات والنزول إلى أرض الواقع، فالخريطة تبدلت وتغيرت ولن نسمع بعد ذلك عن لاعب يقول إننى جلست مع الكابتن فلان فوقعت للأهلى على بياض،
فالزمن تغير والأمور ستزداد صعوبة لو لم يتحرك مسؤولو الأهلى من الآن ويحافظوا على أبنائهم ويهتموا كثيرًا بالناشئين ويطوروا منهم بمدربين على مستوى عال، وأيضًا بإعطائهم الأمل والطموح للعب فى الفريق الأول لأن ذلك هو غاية أملهم وحلمهم الأول، وبالتأكيد سنجد بينهم مواهب تستطيع أن تلعب للأهلى سنوات طويلة وتحقق بطولات وانتصارات رغمًا عن مانويل جوزيه.
** سألنى أحد الخبثاء هل مازلت عند رأيك فى نجاح حسن حمدى وقائمته بالكامل فى الانتخابات القادمة بالأهلى رغم كل الإخفاقات التى حدثت هذا العام فى معظم الألعاب على المستويين المحلى والأفريقى وخسارة معظم البطولات، حتى بطولات كرة القدم ولم أتردد فى الإجابة بنعم، فأعضاء الأهلى لا يحاسبون بالقطعة أبدًا فهم يدرسون ويفكرون فيما حدث بناديهم على مدى السنوات الأربع وبعدها يقررون لمن يكون الصوت، فعاد وسألنى الخبيث نفسه،
وطالبنى بأن أكون شجاعًا فى الإجابة: ألا ترى أن مجلس إدارة الأهلى لم يعد لديه نفس القوة والهيبة التى كان يتمتع بها، وسألته كيف فقال: زمان كان يوجد بجوار صالح سليم حسن حمدى وإبراهيم المعلم وحسام بدراوى ومحمود طاهر وعبدالمجيد محمود وغيرهم من الأسماء الرنانة، والتى لم يبق منها الآن سوى محمود الخطيب وهشام سعيد، أما البقية فالأسماء كلها جديدة مثل الدرندلى والعامرى والغزاوى ومرتجى وجاءت إجابتى سريعة بأن هذه هى سُنة الحياة.. التغيير والتجديد..
كما أن كل الأسماء التى ذكرها صديقى أدت دورها بقوة فى خدمة النادى الأهلى، وهؤلاء الجدد أثبتوا كفاءة ونجاحًا حتى إن لم تكن أسماؤهم رنانة ويتمتعون بالنجومية، كما أنهم مازالوا فى بداية حياتهم العملية وبالتأكيد سيكتسبون الخبرة اللازمة والكافية والتى ستصل بهم يومًا إلى قيادة هذا الصرح الكبير، ولكن يبدو أن صديقى الخبيث لم يقتنع وطلب أن أجيبه عن سؤاله الأخير، وهو هل حسن حمدى والخطيب يفضلان العمل مع وجوه جديدة حتى يضمنا الولاء التام لهما،
فلا يستطيع أحد أن يخرج عن النظام ويعرف كل منهم حدوده، فلا يعترض أحد على قرارات، لأن نجاحه ومصيره مرتبط تمامًا بهما فى المرحلة المقبلة، وأجبت بنفس السرعة: إن كل شخص من هؤلاء له شخصيته المستقلة ونجاحاته فى عمله كما أن منصب عضو مجلس إدارة الأهلى رغم أنه شرف لأى إنسان إلا أنه لا يمكن أن يكون سيفًا مصلتًا على رقابهم فتركت صديقى الخبيث بعد أن لعب فى رأسى كثيرًا ووجدتنى أردد مع نفسى، هل تسرعت فى الإجابة عن أسئلته؟ وهل كنت مقنعًا فى إجاباتى أعتقد أن الإجابة الصحيحة لديك فقط عزيزى القارئ.
** ما يحدث فى الزمالك الآن يشبه المعجزة، فهذا النادى الذى يرقد على صفيح ساخن يفوز ببطولة أفريقيا للكرة الطائرة وقبلها بكأس مصر ويفوز أيضًا بالدورى العام لكرة اليد وينافس الاتحاد السكندرى على الفوز بدورى كرة السلة ويعيد بناء فريق كرة القدم من جديد ويعتمد على أبنائه الناشئين فى كل اللعبات بل إن من يدخل من بوابة نادى الزمالك لا يشعر أن هناك انتخابات وقضايا ومحاكم بل يشعر أن الأمور تسير كما لو كان الزمالك يعيش أزهى وأسعد أيامه أو كأنه بطل للدورى العام وبطولات أفريقيا والعرب وبالتأكيد هذا يحسب لشخصين،
الأول ممدوح عباس الذى تولى قيادة النادى فى ظروف صعبة بل مستحيلة ولكنه أعاد البناء من جديد وعمل فى صمت وهدوء تام وبدأ بالفرق الجماعية الأخرى الأسهل فلم يعد للاعب واحد جنيه واحد متأخر وزاد على ذلك بأن أعاد البناء من جديد على أرض الواقع بنادى الزمالك فأنشأ حديقة محمد لطيف لإحياء ذكرى العظماء بالزمالك، وأعاد للنادى هدوءه واستقراره دون ضوضاء ومحاكم ونيابات وخلافه فقط عمل من أجل صالح نادى الزمالك واستمرارًا لمسيرة من العطاء، بدأها عظماء داخل الزمالك أمثال حسن حلمى وحسن عامر وكمال درويش وغيرهم من أبناء الزمالك المخلصين.
أيضًا دور د. محمد عامر رئيس الزمالك الحالى والذى تولى المسؤولية فى أصعب الأوقات، وواجه ظروفًا معاكسة للغاية ولكنه صمد مع مجلس إدارته ليخرج بالزمالك من عنق الزجاجة ويضع الفريق بل والنادى بالكامل على بداية الطريق الصحيح من جديد، ولعل ذلك يؤكد من جديد أن الزمالك ملىء بأبنائه المخلصين والذين يضعون مصلحته فوق مصلحتهم الشخصية ويعلمون أن الزمالك باق للأبد،
وأن الجميع فى خدمة هذا الصرح بعيدًا عن الهتافات والشعارات الجوفاء والتى أضرت بالزمالك الكثير بل الكثير جدًا لدرجة أن البعض ظن أن الزمالك تحول إلى مركز شباب درجة عاشرة، أو إلى ثكنة من ثكنات الأمن المركزى، فمن كان يمر بجوار الزمالك ويرى سيارات الأمن المركزى وعدد الضباط وجنود الأمن كان يشعر بكل المرارة والألم لوصول هذا الصرح إلى هذه الدرجة على يد من يدعون أنهم أبناء الزمالك المخلصين، لذلك لا يسعنى سوى أن أشد على يد عباس وعامر وربنا يجعله عامر.
** ما فعله أبناء الدراويش هذا العام يستحق الإعجاب، فهذا الفريق الذى اعتقد الجميع أنه خرج من المنافسة مبكرًا بعد ٧ هزائم و٣ تعادلات وبعد مشاكل لا حصر لها داخل مجلس الإدارة عاد وبقوة من جديد للمنافسة على لقب بطل الدورى،
بل وتساوى مع الأهلى البطل فى كل شىء، ورغم أن الأهلى ساعده بقوة هذا الموسم بثلاث هزائم فى المسابقة و٩ تعادلات وهو رقم قياسى جديد لم يحدث له من قبل إلا أن ما فعله أبناء الإسماعيلى بقيادة رئيسهم نصر أبوالحسن يؤكد أنه مازال هناك أمل فى جيل إدارى جديد قادر على القيادة فى أصعب المواقف، فالرجل تعرض لأزمات لا حصر لها داخل مجلس الإدارة، ولكنه نجح فى التغلب عليها ثم الأزمة الشهيرة للاعب إبراهيم سعيد فكان قراره بالاستغناء عنه إلى غير رجعة،
ثم بعد ذلك الحملة الضارية لإبعاد المدرب البرازيلى ريكاردو بحجة سوء النتائج إلا أن الرجل صمد تمامًا فى وجه العاصفة العاتية حتى مرت بسلام، وها هو يعيش أيامًا سعيدة مع جماهيره ومجلس إدارته بما تحقق فى الأسابيع الأخيرة من نتائج إيجابية إلا أنها تظل دائمًا معلقة بالمباراتين الأخيرتين فى المسابقة،
وتحديد من هو بطل الدورى العام، فهل يحقق الإسماعيلى المعجزة ويفوز باللقب أم أن الأهلى قادر على العودة من جديد والفوز ببطولته المفضلة رغم سوء حالته وسوء نتائجه فى الفترة الأخيرة. فى كل الأحوال ما حدث فى الإسماعيلى إنجاز يستحق الإشادة ونموذج جيد للإدارة افتقدناه لسنوات طويلة جدًا فى الأندية الشعبية.